مدخل :
تصبح المرايا أحيانا مزعجة !!!
نص :
لم يكن العابد يضع منشفته حينما تلقى أولى ضربات القدر ... كان ذلك منذ زمان بعيد حينما تولى الرب توزيع الأقدار ... منذها لم تشاهد للعابد أي ابتسامة و بدأ داخله يصبح فوضويا ... بعد سنوات طويلة من تلك الضربة كان العابد يجلس ذات صباح حين أدرك شيئا مهما...أنه كان يقترف خطأ جسيما لعدة سنوات... فقد كان يظن كل صباح حين استيقاظه أن اليوم هو ميعاد الضربة الثانية و كان يكابد كل يوم لتأمين نفسه ضد ضربات غير حقيقية من غير أي جهد مبذول لمعرفة ما يفوته في الخارج ... متناسيا أن كل يوم يمر لن يعود و غير ملاحظ لأن هذه الضربة تأخرت كثيرا ... حينها اكتشف العابد أن وباء القلق سيطر عليه و قرر تحرير نفسه ... وضع منشفته و حاول معرفة ماذا يجري في العالم ، محاولا هدايته من أجل تفادي هذا الوباء ... !!!
كان المزارع يجلس على حافة جرف غير مزروع و ينظر اليه من غير أن يحرك ساكنا لزراعته - بالرغم من أن الأرض كانت خصبة جدا - حينما مر به ذلك الرجل الغريب ذو المنشفة ، كان المشهد مبهجا للمزارع فشكل الرجل الفتئ ذو المنشفة الحمراء أصلع الرأس يبعث فيه البهجة ... و لم يحس المزارع بالضيق الا حينما سأله الرجل ذو المنشفة عن ماذا يفعل بجلوسه هذا من غير أي جهد مبذول ؟ أجاب ببساطة أن هكذا أسئلة لا تهمه و فقط ما يشغله أن يجد طريقة تساعده على البدء في الزراعة من غير أن يخمل مرة أخرى و أن يكتشف سر صوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار !! نظر العابد اليه نظرة تعلوها الاستفهامات متسائلا عن ما هو الشيء الذي يبقي هذا المزارع في مكانه من غير أي حركة و يعيده لوضعه الأول اذا ما تحرك؟؟ حينها علم أن هنالك وباء اكبر من القلق يغزو العالم !
في لحظة أخرى حينما تابع العابد مسيره وصل الى خنزير سيء الخلقة كريه الرائحة و لكن على عكس ما توقع العابد لم يكرهه بل شعر نحوه بشيء من الألفة ... كان العابد يفكر ما الذي يجعله يشعر بالالفة نحو كائن يقضي وقته في الأكل بشراهة ، و يأكل أي شيء من الزهور الى القمامة ... فقط يأكل و لا يتوقف الا لسماع صوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار ... شعر العابد أن العالم به أكثر من وباء القلق و وباء المزارع !!
بعد أيام عديدة - و حينما كان يصلح منشفته - رجعت للعابد ذكريات الضربة الأولى و فكر حينها في وضع احتياطات ضد الضربة الثانية الى أن خرج من هذا التفكير على صوت شخص يلعن تارة و يضحك تارة ثم يصمت لوهلة ثم يعاود الكرة ... حاول العابد استقصاء ما يحدث عندما رأى منظرا عجيبا ... رأى شخصا تبدو عليه علامات الامارة ذو بشرة بيضاء و يرتدي حلة جميلة و يبدو سعيدا ... لم تلبث تلك السعادة طويلا حينما فجأة تحول لون الرجل للاسود و تحول لشخص غاضب يسب و يلعن ... و كما الحال في المرة الأولى سرعان ما جاءت غيمة ذات ألوان متعددة أنزلت عليه ماء نقيا رجع بعدها الشخص لحالته الأولى فضحك ... ثم أنصت مهتما لصوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار !!! لم يفهم العابد حينها الا أن العالم به أكثر من وباء القلق و وباء المزارع و وباء الخنزير !!!
أدرك العابد بعد مدة طويلة من قراره بهداية العالم من وباء القلق أن صوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار أصبح يجذب اهتمامه ... و أدرك أن محاولة هداية العالم هي مهمة مستحيلة ... و أدرك أيضا أن الضربة الأولى التي جاءته و هو لا يضع منشفته ما زالت تؤلمه ... و أن فكرة قدوم الضربة الثانية ما زالت تؤرقه ... و لكن هذه المرة لم يضع احتياطات لتأمين نفسه ضد الضربة الثانية و انما قرر أن يبحث عن سر صوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار!
سار العابد لأيام طويلة ... و كان الصوت يزداد كل يوم الا ان وصل الى أعلى منطقة في العالم حينما وجد فوهة يخرج منها دخان و يزداد صوت الدق عندها ... بلا أي تردد قفز العابد داخل الفوهة حيث وجد بركة حولها أناس يشبهونه يضعون مناشفهم بالقرب منهم و ينظرون في البركة حيث صوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار يبدو أوضح ما يكون ... نظر من يشبهونه اليه بابتسامة و كأنهم يعرفون ما سيفعله تاليا ... حينها قرر العابد أن يرى ماذا يحدث داخل البركة حيث رأى شخصا يمسك لوحا مضيئا به مجموعة حروف يضغط عليها برفق ليكتب : (أن العابد ينظر في البركة ليعرف سر صوت الدق ذو الطنين المتقطع في المكان منذ أن وزعت الأقدار) !!!
خاتمة :
حتى و ان وصل لهدايتهم فلن يستطع فقد ضاع قبلها بسنوات عديدة !
كسرة :
تكرار الأحداث ، فقدان الأمل ، الشهوة و الحسد هم كلمات السر