كتبت ولم أقل

(Layla Cultural Platform)

وهمات المتنبي (2)

أضيفت بواسطة: mima2017 | بتاريخ: 21 يونيو 2018

نواصل مع وهمات المتنبي.. طبعاً الراجل ده قضى نص عمرو (أو أكتر شوية كمان) يمدح في الباشمهندس سيف الدولة، واللي كان بيحبو جداً رغم كراهية ود عمو أبو فراس الحمداني.. لو عاينت للموضوع من وجهة نظر أبو فراس بتلقاهو منطقي، ﻷنو أبو فراس كان أمير رسمي عديل كدة، باﻹضافة ﻹنو فارس بسيفو (المتنبي كان متعقد من إنو ما بعرف يقاتل زي الناس)، باﻹضافة ﻹنو أبو فراس كان شاعر محترم.. الشئ الوحيد الكان المتنبي بيغلب أبو فراس (وجميع الشعراء اللاحقين) فيهو هو شعرو ده.. الود ده بقول ليهو كلام غريب عديل.. وقدرتو الخارقة على اللعب باﻷلفاظ ياها الخلت سيف الدولة يكون بحبو ومحترمو جداً، رغم اعتراض ابن عمو وبقية الجنرالات على مكانة المتنبي عندو..

عشان تستوعب كمية الحنك الكان المتنبي بكبّو لي سيف الدولة، شوف مثلاً القصيدة دي.. قال ليك:

ألقَلْبُ أعلَمُ يا عَذُولُ بدائِهِ *** وَأحَقُّ مِنْكَ بجَفْنِهِ وبِمَائِهِ

كالعادة بدا بالنسيب، فبتكلم مع العذول قال ليهو عليك الله اختاني ياخ.. أنا عارف الواجعني شنو، وزولي ده ما بخليهو كان بقى شنو داك.. بعدين كان داير تنق ما تنق لي، ﻷني بعرف أنق براي كان داير أنق (في نقة كتيرة في البيت ده)..

فَوَمَنْ أُحِبُّ لأعْصِيَنّكَ في الهوَى *** قَسَماً بِهِ وَبحُسْنِهِ وَبَهَائِهِ

بعدين ﻷنك يا عذول بتقول لي سيب حبيبك ده وشوف لي زول تاني، فأنا ما حأسمع الكلام.. وتأكيد الكلام ده بإنو أقسم بالحبيب ذاتو.. ذكرني بحسين بازرعة والغنية الرائعة (ﻻ وحبك).. أها المتنبي أقسم ليك بالحبيب وبجماله وحاجاتو الحلوة كلها.. طبعاً الموضوع ببقى كريبي (creepy) جداً لمن تتذكر إنو الحبيب البتكلم عنو المتنبي ده ضكر، اللي هو سيف الدولة.. المهم نمشي قدام..

أأُحِبّهُ وَأُحِبّ فيهِ مَلامَةً؟ *** إنّ المَلامَةَ فيهِ من أعْدائِهِ

الكلام واضح طبعاً.. ده حنك قوي جداً للمتنبي ودي من الحاجات الما فكر أبو فراس إنو يقولها عشان يحنك سيف الدولة.. المتنبي قال ليك لمن تحب زول ما بترضى فيهو أي كلام.. بعدين انت ذاتك يا البتتكلم في سيف الدولة إنت عدوي، ﻷنو كلامك في الراجل ده ذاتو غلط.. شوف بالله الحنك ده كيف..

عَجِبَ الوُشاةُ من اللُّحاةِ وَقوْلِهِمْ *** دَعْ ما نَراكَ ضَعُفْتَ عن إخفائِهِ

ويتواصل الحنك الجامد.. المتنبي قال ليك الناس البعرفوهو ذاتهم انقسموا نصين.. النص اﻷول شغال يلوموا ويقول ليهو انسى الراجل ده (نظام القراية ام دق دي سيبها).. ﻷنو انت حبك للأمير (ياخ الموضوع ده كريبي أقسم بالله).. المهم حبك للراجل ده غلبك وانت بقيت ما قادر تدسو من الناس.. فشنو يا مان، حقو تسيب الموضوع ده وتشوف ليك شغلة تانية.. أها ده النص اﻷول، أما باقي الناس فبقوا قاعدين مستغربين من الناس اﻷوﻻنيين ديل بقولوا في شنو.. دي المتنبي بقول انو وضعو ده حيّر ليك الخلق كلهم.. أنا ذاتي والله حيرني بقوس قزح المافي زول من النقاد وقف فيهو وﻻ جاب سيرتو.. المهم..

ما الخِلُّ إلاّ مَنْ أوَدُّ بِقَلْبِهِ *** وَأرَى بطَرْفٍ لا يَرَى بسَوَائِهِ

بعدين قال ليك أصلاً أنا والحبيب واحد.. لدرجة إنو أنا بشوف بعينو وبحب بقلبو.. ياخ دي قلبت فيها هوبة عديل ياخ.. قلت ليك الجنا مجنون..

إنّ المُعِينَ عَلى الصّبَابَةِ بالأسَى *** أوْلى برَحْمَةِ رَبّهَا وَإخائِهِ

ثم قال ليك كونو ذاتو انك تجي تلومني وتبكيني في وجعي ده، فدي حركة جبانة منك، ﻷنك ما ساعدتني بأي شئ في اللحظة الضيقة دي.. اﻷولى من الكلام ده كان إنك ترحمني وتبقى أخوي، وتحاول تشوف لي حلل من الورطة اﻷنا فيها دي.. الكلام للعذول طبعا..

مَهْلاً فإنّ العَذْلَ مِنْ أسْقَامِهِ *** وَتَرَفُّقاً فالسّمْعُ مِنْ أعْضائِهِ

ومواصلةً للضرب على الحديد وهو ساخن، قال للعذول ياخي كلامك ده ذاتو زي السم الهاري، ﻷنو غير المرض العلي جيت انت وزدتني مرض بكلامك ده.. فشنو يا مان، حاول تخف علي شوية كدة، ﻷنو كلامك زيادة مرض، وأنا اضاني دي تعبت من سماع النقة..

وَهَبِ المَلامَةَ في اللّذاذَةِ كالكَرَى *** مَطْرُودَةً بسُهادِهِ وَبُكَائِهِ

بعدين هنا اختلفوا المفسرين، فناس بتقول ليك المتنبي قال للعذول ياخ ارحمني بالله من نقتك دي ﻷنها طيرت النوم، فاعتبر نقتك دي سمحة زي النوم ما هو ذاتو سمح وخليني أنوم (ﻷنو النوم أصلاً طاير بالبكاء، فخلي النقة تطير برضو).. وفي ناس بقولوا ليك ﻻ هو قصدو انو يقول للعذول ياخ انا عارف اني طيرت ليك النوم بالتِّبِكّي بتاعي ده، فانت امشي استمتع بنومك واعفيني من نقتك دي.. (شوف شرح العكبري لديوان المتنبي)..

لا تَعْذُلِ المُشْتَاقَ في أشْواقِهِ *** حتى يَكونَ حَشاكَ في أحْشائِهِ

البيت ده والبيت الجاي من اﻷبيات المجنونة اللي بتوريك عبقرية المتنبي وتشبيهاتو الهلامية.. قال ليك الحالة الوحيدة اللي من حقك تلوم ليك زول بحب، هي إنو يكون قلبك في قلبو عديل كدة.. وطبعاً ده شئ مستحيل، ﻷنو أولاً انت حتموت لو قلبك طلع من مكانو، ده لو أخدنا الكلام ليترالي.. أما لو أخدناهو مجازاً، فمن الصعوبة انك فعلاً تحس بألم زول زي ما هو بحس بيهو بالضبط.. أيوة ممكن تجامله أو تتفهم مشكلتو، لكن أبداً ما حيكون حالك زي حالو بالضبط.. الخلاصة انو قال للعذول قوم لف..

إنّ القَتيلَ مُضَرَّجاً بدُمُوعِهِ *** مِثْلُ القَتيلِ مُضَرَّجاً بدِمائِهِ

وهنا المتنبي كرر التشبية اللي قالوا في كم حتة تانية.. إنو الحب ده شئ قاهر، وإنو الزول البموت (مجازاً) في سبيل الحب، زيو زي البموت عديل موت الله والرسول.. العكبري والتبريزي رايهم إنو التشبيه ده ﻷنو بقول دموع العاشق الجارية دي، زيها زي دم القتيل الجاري.. أما الواحدي فرايو زي رايي أنا، انو المتنبي كبّر موضوع العشق ده وشبهو بالموت اﻷحمر عديل كدة..

وَالعِشْقُ كالمَعشُوقِ يَعذُبُ قُرْبُهُ *** للمُبْتَلَى وَيَنَالُ مِنْ حَوْبَائِهِ

هنا المتنبي قام يتفلسف شوية.. قال ليك الحبيب ده خليهو، الحب ذاتو - كفكرة - شئ جميل ورائع.. والزول بحب فكرة الحب نفسها، والفكرة دي بترهق العاشق وتتعبو في روحو، زيها زي الحبيب سيد اﻻسم.. يعني ممكن تكون قاعد اليوم كلو بتتأمل وتبكي وتدردق بالواطة، ولمن يسألوك مالك تقول أنا ببكي عشان مشتاق للحب في ذاتو.. الله الله الله؟؟!!..

لَوْ قُلْتَ للدّنِفِ الحَزينِ فَدَيْتُهُ *** مِمّا بِهِ لأغَرْتَهُ بِفِدائِه

هنا برضو بتشوف واحدة من مبالغات المتنبي الوهمية.. قال ليك (والكلام للعذول ما ليك انت) انو العشاق ديل مجانين وفاكّة منهم.. ﻷنك لو قلت للعاشق اللي الحب رماهو وبقى مرضان انك حتفديهو، أو زي ما حبوبتي كانت بتقول (فداك ودرقة بلاك)، فالعاشق ده من غيرتو على معشوقه حيقول ليك لا شكراً، ﻷنو انت لمن تفديهو معناها حتحب حبيبو مكانو، وكدة هو حيكون طلع بره الرّصّة.. كلام هلامي شديد مش كدة؟..

وُقِيَ الأميرُ هَوَى العُيُونِ فإنّهُ *** مَا لا يَزُولُ ببَأسِهِ وسَخَائِهِ

أها بعد الحنك الفوق ده، صاحبك اتذكر موضوع القصيدة وانو داير يمدح سيف الدولة.. فقال ليك اﻷمير ده زول قوي الشكيمة وصنديد، لكن للأسف (عيون المها بين الرصافة والجسرِ) دي كان شافها بترميهو تب، عشان كدة الله ﻻ وقعهو في يد مرة (هوي ده كلام المتنبي ما كلامي أنا، عشان الفيمينست ما يجوني ناطين)..

يَسْتَأسِرُ البَطَلَ الكَمِيَّ بنَظْرَةٍ *** وَيَحُولُ بَينَ فُؤادِهِ وَعَزائِهِ

بفصّل ليك في الموضوع فبقول ليك الحب ده بيملكك من نظرة واحدة، ولو وقعت في الحب تكون وقعت وما سميت، ﻷنو تاني وين تلقى زول يعزيك؟ طار ليك بس..

إنّي دَعَوْتُكَ للنّوائِبِ دَعْوَةً *** لم يُدْعَ سامِعُهَا إلى أكْفَائِهِ

وبما إنو السيد سيف الدولة ده زول صنديد جداً، وفارس حوبة وأخو أخوات، فأنا (كمتنبي مش كمحمد) لجأت ليك عشان تساعدني في المصايب البتتحدّف على راسي.. ده رغم إنك انت أصلاً أكبر من الكلام ده ﻷنو المصايب مهما عظمت فمافي مصيبة بتغلبك.. حنك من أمّو والله..

فأتَيْتَ مِنْ فَوْقِ الزّمانِ وَتَحْتِهِ *** مُتَصَلْصِلاً وَأمَامِهِ وَوَرائِهِ

بعدين أنا لمن ناديتك يا سيف الدولة جيتني طاير (ما فاكّي الزراير).. وجيتني طاير بفوق الزمن وبتحت الزمن وبالجنبة كمان.. مش كدة وبس، جيت طاير وعامل ليك صوت (فووووو) كدة.. يعني الزمان (ومصايبو الجايبها دي) اتخلع ذاتو لمن انت جيت طاير..

مَنْ للسّيُوفِ بأنْ يكونَ سَمِيَّهَا *** في أصْلِهِ وَفِرِنْدِهِ وَوَفَائِهِ

ثم إن السيوف ذاتها بتفخر بإنو سيف الدولة (اللي اسمو زي اسمها) سموهو سيف، ﻷنو راجل ابن أصول وصنديد ووفي، وكل الصفات الجميلة اللي السيوف ما ﻻقينها، ﻷنهم حديد بس، ما زي سيف الدولة عشا البايتات..

طُبِعَ الحَديدُ فكانَ مِنْ أجْنَاسِهِ *** وَعَليٌّ المَطْبُوعُ مِنْ آبَائِهِ

ثم ختم ليك القصيدة بذكر نسب سيف الدولة، ﻷنو طبعاً الفخر باﻷنساب و(أبوي أحسن من أبوك) دي ممارسة صحية جداً.. قال ليك السيوف بتختلف حسب الحديد العملوها بيهو، فلو حديد كويس السيف بطلع كويس، ولو حديد كعب السيف بطلع ماسورة.. أما سيف الدولة (اللي اسمو اﻷصلي هو علي بن أبي الهيجاء بن حمدان التغلبي) ده مستحيل يطلع أي حاجة زي انو يكون كويس، ﻷنو أصلو كويس ونسبو شريف.. (غايتو ما فضّل ليهو إﻻ يقول زي عادل إمام: أما احنا؟ احنا أوﻻد كلب)..

خلاص كفاكم الليلة..

 



-= Share this blog post =-

2018