كتبت ولم أقل

(Layla Cultural Platform)

يوميات طبيب مهاجر (3)

أضيفت بواسطة: mima2017 | بتاريخ: 13 يونيو 2018

قبل فترة كان عندنا تدقيق (Audit) داخلي، اللي هو حاجة بتتعمل كل فترة عشان المحافظة على جودة اﻷداء وكدة.. أها بعد حق الله بق الله (الراجل المسئول فلبيني وبعرفني فكان في شوية احترام كدة) قام مسك اللستة بتاعتو وبدا يسأل..

- دفتر تسجيل المراجعين وتشخيصهم والعلاج المصروف؟

أنا: أهو ده سعادتك (ما قلت سعادتك للمراجع الفلبيني طبعاً لكن كان احساسي كدي)..

بعد قلّب الدفتر وسجّل عندو النتيجة قام مشى للسؤال البعدو..

- ساعات العمل معلقة في مكان واضح وظاهر؟

جاوبت بكل حماس: أكيد.. حسب القانون الساعات معلقة هناك على بورد اﻹعلانات، باﻹضافة ﻷنها معلقة برة على الباب الخارجي..

طبعاً جاوبت بكل ثقة ﻷني أنا بنفسي طبعت الورقة دي وعلقتها مع الممرض الفلبيني التاني (اللي هو ما صاحبي (شاكيل) طبعاً)..

ﻻحظ (شاكيل) الهندي واقف معانا في الموضوع ده وما فتح خمشو قال شي.. المهم طلعنا كلنا على الباب الخارجي عشان نكتشف إنو الورقة ما معلقة.. طبعاً منظري بقى جبان جداً قدام المسئول.. الحوار اللي تم بيناتنا كان يشبه ما يلي (منقول بتصرف):

- وين الورقة القلت معلقة في الباب؟..

* والله يا سعادتك كانت معلقة هنا..

- طيب وينها هسي؟..

* والله يا سعادتك شكلو الهوا طيّرها..

- طيّرها كيف يعني؟ انتو كنتو ملصقينها ببزاغ؟..

* ......

المهم الراجل قال ﻻزمن وحتمن وﻻبد إن الورقة دي تتعلق الليلة قبل بكرة عشان النظام وكدة.. حكيت راسي ﻷني متأكد الورقة دي أمبارح كانت معلقة.. معقولة يكون واحد من العيانين مرق زهجان قام جراها كدة وأداها شرطة؟ طيب باقيها وين؟..

المهم واصلنا التدقيق..

- هل عندكم أجهزة إنذار حريق في كل غرفة؟..

* بالحيل عندنا.. ده كلامك؟..

بدينا نلف على الغرف واحدة واحدة.. الراجل بتشابى لي فوق عشان يمسك جهاز اﻹنذار.. طلع في زر صغيروني بالجنبة كدة بتدوسو مسااااافة بقوم الجهاز يكنتك تلاتة مرات بعدين يصفّر.. لمّن يعمل كدي معناها شغال تمام.. أها جينا للغرفة اﻷخيرة - اللي هي غرفة العيادة.. اللي هي الغرفة القاعد أقعد فيها أنا ذاتي..

الراجل مد يدو لفوق.. وين جهاز اﻹنذار؟..

غرفتي تحديداً طلع ما فيها جهاز إنذار للحريق.. يعني أنا أحرق بنار الله الموقدة وﻻ فارق معاهم.. ياخ الحمام فيهو جهاز إنذار.. غرفة اﻷدوية فيها جهاز إنذار.. غرفة البانتري - محل بخزنوا الشاي والقهوة وبصبّنوا اﻷكل - فيها جهاز إنذار.. أنا مالي واقع من قعر القفة؟..

طبعاً قعدت أتمتم بكلام ما مفهوم ﻷني ما عندي إجابة ﻹنو ليه ما في جهاز إنذار في غرفتي.. وصاحبي (شاكيل) متبلّم كأنو ما بعرف إنجليزي.. غايتو انت يا أب راس..

المهم اﻷوديت انتهى وأدونا لستة ملاحظات كدة على رأسها موضوع أجهزة اﻹنذار، وساعات العمل اللي ﻻزم تتعلق على الباب.. لحسن الحظ فزنا بجائزة النظافة وحتى شكروا الود السريلانكي البنضف العيادة..

طبعاً ﻷني ما شاكّي في أي شئ، فما سألت صاحبي (شاكيل) عن الحاجات دي.. طلعت برة قدام الباب ووقفت أعاين لمحل الورقة المختفية.. معقولة أكون بهلوس؟ معقولة أنا ما علقت الورقة؟ معقولة..
(شاكيل)!!!!..

فجأة جاتني الفكرة، فناديت البني آدم الشغال معاي ده.. جاني جاري من جوة العيادة.. (نعم دوكتور)؟..

هاجمتو طوالي: (وين ساعات العمل الكانت معلقة هنا؟ والكانت معلقة جوة برضو؟ طيّرت الورق وين؟)..

طبعاً كانت طلقة في الظلام ساي، لكن ما اتوقعتها تجيب النتائج التالية.. (شاكيل) جاوب بمنتهى الهدوء.. (نزلتها أمبارح)..

أنا أخدت نص دقيقة كدة عشان أستوعب الصدمة و(ازدرد لعابي في حنق).. نزلت الورقة أمبارح، وانت عارف الليلة عندنا أوديت، ليه يا وجع قلبي؟..

(شاكيل) كان هادئ لدرجة البرود.. (ﻷنو ساعات العمل ما صاح)..

شديت شعري لفوق.. (انت مالك ومالها ياخي؟.. الورقة دي سألتك؟ جات جنبك؟.. ياخ أنا كم مرة قلت ليك ما تفكر؟.. كم مرة قلت ليك أعمل البقولو ليك بس؟.. ياخي ما تفكر.. يا بني آدم ما تفكر)..
(شاكيل) أخد الموضوع شخصي.. (ﻷ.. ساعات العمل المكتوبة غلط.. مكتوب 24 ساعة ونحنا شغالين دوامين بس)..

هديت نفسي شوية كدة عشان ما أقرم ليهو أضانو الطايرة بالجنبة دي.. (يا سيد.. مش انت سمعت بأضانك المدير قال أكتبو ساعات العمل 24 ساعة؟.. مش نحنا بنفتح مع المواقع كلها، ولما نقفل ما بكون في موقع شغال؟ يعني ماف عيانين أصلاً؟ يعني ما حيجي زول يدق الباب ونحنا مافي؟ مش سمعت المدير بنفسك؟.. ياخ مالك معاي؟)..

طبعاً الموضوع ما واقع لـ(شاكيل) ﻷنو شايف انو دة (غش واحتيال)، اللي هو الراي اللي ما اتجرأ يقولوا للمدير في اﻻجتماع لمن أدانا التعليمات دي.. وﻻ حتى قالوا لي بعد طلعنا.. بس براهو كدة نظر نظرة في النجوم وجاتو فكرة إنو ينزل الورقة عشان يرضي ضميرو..

لمن خلص تِبِكّي ونياصة قلت ليهو: (أمشي جيب الورقة محل ما طيرتها وتعال علقها في مكانها.. أنا واقف منتظرك)..

(شاكيل) طبطب كرعينو وجرجرن لمن دخل العيادة وجاب الورقة.. انتظرتو لحدي ما علق الورقة في مكانها بعدين دخلت العيادة..

- اضرب للورشة خليهم يجو هسع دي يشوفوا موضوع جهاز اﻹنذار ده.. دايرني أحرق انت طبعاً مش كدة؟ الله ﻻ بارك في شيطانك..

المهم بعد ما اتمحرك كويس ﻷنو عندو راي في إنو يدوهو أوامر ينفذها، في النهاية ضرب للورشة.. في غضون ساعتين كدة كان جهاز اﻹنذار اتركب وجربوهو واتأكدنا إنو شغال.. كلام جميل لحدي هنا؟..

بعد أسبوع جاء المسئول عشان يراجع النتائج ويشوف هل صلحنا الحاجات القالوا صلحوها وﻻ قعدنا كنب.. طبعاً أنا نفشت ريشي زي الطاووس.. هيع.. صلحنا الحاجات كلها يا سعادتك.. شايف؟ أول حاجة ساعات العمل معلقة بالبنط العريض على الـ..

(شاكيل)!!!!!! الورقة وينها؟..

أنا خلاص كان حيغمن علي.. أقسم بالله العظيم الورقة دي كانت معلقة الليلة الصباح.. يخوانا أنا بتخيل وﻻ جنيت؟.. ربك رب الخير (شاكيل) قال للمسئول إنو الورقة شالوها يغلفوها عشان كان في تراب وهوا أمبارح.. كلام فارغ طبعاً لكن المهم الفلبيني أكلو ومشينا لقدام..

أها دخلنا الغرفة وأنا قداااام.. أشّرت للمسئول على جهاز اﻹنذار الجدييييد الركبناهو اﻷسبوع الفات.. الفلبيني بطريقة روتينية قام مدّ يدو وداس الزر الجانبي داك.. ما حصل أي حاجة، ﻻ نور وﻻ صفارة.. داسو تاني، وﻻ أي حاجة.. المرة التالتة لمن جاء يدوسو قام انتبه لحاجة..

- الجهاز دة ما فيهو بطارية.. النور ما قاعد يولع نهائي..

نزلنا الجهاز وعايننا لبطنو.. فعلاً، البطارية مافيشة..

- (شاكيل).. يا وجع قلبي.. البطارية وين؟..

(شاكيل) قال انو البطارية اﻷدونا ليها قديمة، فرسلوها عشان يغيروها.. طبعاً ما فهمت ما خلى البطارية القديمة في بطن الجهاز ليه، لكن سكتّ عشان نخلص..

النتيجة كانت فشل طبعاً، والمسئول قال حيرجع بعد تلاتة يوم عشان يشوف النتيجة.. بعد ما الناس دي اتخارجت اتلفتّ على (شاكيل)..

- وديت الورقة وين يا زفت؟..

(شاكيل) قال إنو نزّل الورقة عشان ساعات العمل مكتوبة غلط، ﻷنو ممرض المناوبة المسائية مشى إجازة اضطرارية.. أنا كنت برجف من اﻷذى.. ياخ انت أوفر يا (شاكيل).. أوفر عديل.. انت صدقك الكاتلك دة ما بظهر إﻻ يوم اﻷوديت؟..

- (شاكيل).. للمرة المليون.. الله يرضى على حبوبتك ياخ.. ما تفكر.. ياخ ما تفكر.. انت لمن تفكر بتجيب لينا العيد.. ما تفكر ياخي الله يرضى على أبو أهلك.. أمشي جيب الورقة علقها في الباب، يعلقوك من كرعيك..

(شاكيل) جرجر كرعينو وهو بنقنق بالهندي..

- تعال هنا دة.. والبطارية وين بتاعة الجهاز؟..

(شاكيل) قال إنو الجهاز كان بصفّر طوالي عشان كدة قام فكّ البطارية وختاها بالجنبة..
- رسلت الجهاز للورشة عشان يصلحوهو؟..

* ﻷ..

- ناديت المهندس يجي يشوفو مالو؟..

* ﻷ..

- يعني فكيت البطارية وختيتها في الدرج، وواصلت حياتك عادي؟..

* أيوة..

- طيب ناولني حبوب القرحة من الدرج داك..

الله يجازيك يا (شاكيل) يوم بتطرشق لي قرحتي دي..



-= Share this blog post =-

2018