يوسف قسم السيد عباس

(Layla Cultural Platform)

جمـــرة من حنين

أضيفت بواسطة: Yousifabass | بتاريخ: 04 مارس 2018

أمسك هاتفه الجوال ..و بيد مرتعشة .. بدأ يضغط الأرقام (...........091)  و إستغرب !!!..كيف أنه مازال يحفظ الرقم رغم مرور ما يقارب الخمس سنوات علي محاولة مشابهة,

تردد كثيراً و هو ينظر الي الرقم في شاشة الهاتف ,قبل أن يضغط علي الزر الأخضر

و ظلّ ينتظر... لم يكن الأمر ليتعدى ثوانٍ.. لكنه ذاق فيها الأمرين . . إرتعش فيها صدره الف مرة . . و إقشعرت أبعد شعرة في جسده.. ثوانٍ حتي سمع رداّ . .و بصوت أنثوي هادئ و كخنجر قاتل يقتص أحشائه.. كانت كل كلمة منها تحوي ألماً لا يوازيه ألم .. و بالرغم من ذلك ظل يستمع .....

" عفواً هذا المشترك لا يمكن الوصول اليه حالياً.. الرجاء محاولة الإتصال في وقت لاحق"

ألف ذكرى داهمته و هو يستمع لتلك الجملة, بل و ألف صوت لصاحبة الرقم

لم يكن الرد مفاجأة له . .

و لم تدرك صاحبة الصوت المبرمج انه كان أعلم الناس بهذا في اقصى جهات روحه

لم تدرك حتى أنه لا فائدة من الوقت اللاحق . . وأنه ما من شئ كان سيتغير

لا شئ كان سيمنعه من الوصول اليها لو كان ممكناً .... لا .. و لا حتي جبال الإلب

لا. . و لا حتى ليالي الشتاء ... كتلك التي قضاها يرقب الافق

و لا حتي محيطات الدنيا كلها ... فما هي اكثر من ما زرفته عيناه في غيابها

لم تدرك انه يرى اقترانه بها يستحق شق الأرض الي نصفين . .

و زلزلة الأرض مرتين

لم تدرك تلك الليالي الطوال التي وقف فيها علي حواف الليّل ينتظر رجوعها .. و هو يعلم إستحالة الأمر

يعلم استحالته و لا يعلم اي أرض تلك التي تنعم بعطر ضفائرها؟

و أي شمس تستقي ضوء بهائها؟

فما من ارض كانت ستخفيها عنه مهما دنت .. و ما من سماء ستحجب انعكاسها فيها و إن أظلمت

فلا هي الأرض كما كانت و لا هي الحياة بغيرها

و لو أدرك للموت ارضاً لأتخذها له داراً

و لو كلفه الأمر ما كلّف . . ما من شئ يجعله ينتظر .. لكان بها و منها

و ما كان ليستمع لذلك الصوت يخبره انها ابعد من المنال

إنه فقط .. ذلك الحنين الى صوت ما عاد في الإمكان ان يُسمع مجدداً

 

القي الهاتف علي الطاولة . .

 

وسحب منديلاً يمسح به دمعة عابرة . .

 

 و أخرج سجائره ينفث سأمه ناراً ورماداً

 

و عاد إلي ما كان فيه كعادته.. مبتسماً  ... كأن ما من شئ به.

 

و .. مضى

 

مضي و في ذاته الف صوت لها يتردد في ارجاءه . . و ضحكتها.

 

يوسف قسم السيد

‏السبت‏، 05‏ شباط‏، 2011


-= Share this blog post =-

2022 2018