التي تعرف نفسها.. جيداً
الزمان..
يوم ما في شهر ما في تسعينات مضت..
المكان..
غرفة من الحجر الصخري ، مستطيلة الشكل و تتوسط نصفيها مروحتا سقف يغطيهما لون أسود فاحم.. و صفوف من بلورات الضوء البيض و الصفر..
و يتناثر فيها زوجان عشر من الأسرة متناقضة الألوان و الشراشف..
المشهد..
طفلة تقرأ كتابا.. تقوقعت داخل سريرها، وحيدة مع دموعها .. تجتر بعضا من ذكريات لعلها تهدئ من روع قلب لم يذق يوما طعم شوق كهذا أو عاش فقدا أبدا..
مشهد أول..
أتاها صوتها.. كدفق من لغة الجن .. ينساب لحنا من ناي.. و من خلال دموعها رأتها.. وجها باسما.. أسمرا مشبوبا بنور يكاد يضيء..
مشهد ثانٍ..
تحدثت .. فتبسمت الطفلة.. كأن كلماتها مهد يهتز فيأمن روع قلبها .. مدت يدها.. و كأن يدها وثيقة إنتماء لوطن لا حزن فيه و لا دموع..
مشهد ثالث..
صار كل شيء مختلفا.. عادت ألوان قوس المطر لتتلبس أشجار النيم و أوجه الجدران..
بات للشخوص ملامح و للناس أصوات.. بعدما كانت تحسب نفسها في بلاد الأشباح..
مشهد رابع..
توالت الأيام و انقضت سراعا.. و تفلتت اللحظات كحبات لؤلؤ في عقد انحلت أطرافه و تساقطت..
لا الزمان يلضمها فيعود سيرته الأولى ثمينا و لا هي تقوى تنحني تلملم شتاتها كماه..
مشهد خامس..
غربة و أرقام من ألف و مئة و يوم.. فلقاء.. و غربة و سفر.. و صفحات من أطلس الأرض تفصلهما..
مشهد أخير..
كبرت الطفلة.. وخط المشيب مفرق أيام عمرها..
انحنى من الشوق ظهرها.. و خطاها تأخذها دوما حيث تعلمت كيف تحب بلا مقابل.. كيف تضحك ملء روحها.. كيف تصرخ برئة الكون و تبكي كخريف كردفاني..
حيث تعلمت كيف تمسك يراعها و تستطر عن الجمال يتمثل بشرا سويا..
حيث كل شيء مختلفا .. شيقا و أنيقا و صافيا و طيبا..
تعود حيث هي..
#للتي تعرف نفسها جيداً..
-= Share this blog post =-
2019
2018
2017
- May
- June
- July
- August
- September